فصل: السنة الخامسة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الخامسة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر

وهي سنة ثمانين‏:‏ فيها كان سيل الجحاف بمكة وهلك فيه خلق كثير من الحجاج فكان يحمل الإبل وعليها الأحمال والرجال والنساء ما لأحد منهم حيلة‏.‏

وغرقت بيوت مكة وبلغ السيل الركن فسمي ذلك العام عام الجحاف‏.‏

وفيها كان طاعون الجارف بالبصرة في قول بعضهم‏.‏

وفيها خرج عبد الواحد بن أبي الكنود من الإسكندرية وركب البحر وغزا الفرنج حتى وصل وفيها هلك أليون عظيم الروم وملكها‏.‏

وفيها صلب عبد الملك سعيد بن عبد الله بن عليم الجهني على إنكاره القدر‏.‏

قاله سعيد بن عفير‏.‏

وفيها توفي جبير بن نفير بن مالك أبو عبد الله اليحصبي الحضرمي من الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام أسلم في خلافة الصديق رضي الله عنه‏.‏

وفيها توفي جنادة بن أبي أمية الأزدي من الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام‏.‏

وفيها توفي حسان بن النعمان الغساني من أولاد ملوك غسان ويقال‏:‏ إنه ابن المنذر صاحب الفتوحات بالمغرب‏.‏

ولاه معاوية بن أبي سفيان إفريقية‏.‏

وفيها توفي زيد بن وهب بن خالد أبو سليمان الجهني من الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة‏.‏

وفيها توفي السائب بن يزيد بن سعيد الكندي أبو يزيد من الطبقة الخامسة من المخضرمين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حدث الأسنان‏.‏

وفيها توفي شريح بن هانىء بن يزيد بن نهيك بن دريد بن الحارث بن كعب من الطبقة الأولى من التابعين من أهل الكوفة‏.‏

كان من أصحاب علي رضي الله عنه وشهد معه مشاهده وكان قاضي الكوفة وبه يضرب المثل‏.‏

قال الذهبي‏:‏ إنه مات سنة ثمان وسبعين‏.‏

وفيها قتل معبد بن عبد الله بن عليم الذي يروي حديث الدباغ وهو أول من قال بالقدر في البصرة‏.‏

قتله الحجاج وقيل قتله عبد الملك الخليفة بدمشق‏.‏

وفيها توفي شقيق بن سلمة الأزدي أبو وائل‏.‏

أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره وهو من الطبقة الأولى من التابعين من أهل الكوفة‏.‏

وفيها توفي أبو إدريس الخولاني واسمه عائذ الله بن عبد الله وقيل عبد الله بن إدريس بن عائذ الله قاضي دمشق في أيام معاوية وغيره‏.‏

وهو من الطبقة الثانية من التابعين من أهل الشام‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أبو جعفر وقيل أبو محمد وأمه أسماء بنت عميس‏.‏

ولدته بالحبشة في الهجرة وهو أول مولود ولد في الإسلام بالحبشة وهو من الطبقة الخامسة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حدث الأسنان وقيل إنه كان له يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين‏.‏

وفيها توفي عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي وكنيته أبو حاتم من الطبقة الثالثة من التابعين من أهل البصرة وأمه هولة بنت غليظ من بني عجل وهو أول من قرأ القرآن بالألحان وولي قضاء البصرة وأوفده الحجاج على الخليفة عبد الملك فسأله أن يولي الحجاج خراسان وسجستان‏.‏

وفيها توفي العلاء بن زياد بن مطر بن شريح العدوي وهو من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة وكان من العباد الخائفين‏.‏

وفيها توفي معاوية بن قرة بن إياس بن هلال المزني أبو إياس من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة‏.‏

كان زاهدًا عابدًا ورعًا‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وثمانية أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وسبعة عشر إصبعًا‏.‏

السنة السادسة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة إحدى وثمانين‏:‏ فيها حج بالناس سليمان بن عبد الملك بن مروان وحجت معه أم الدرداء الصغرى‏.‏

وفيها خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث على الحجاج بن يوسف وخلع عبد الملك بن مروان من الخلافة ووقع له بسبب ذلك مع الحجاج حروب ووافقه جماعة كثيرة على ذلك وكاد أمره أن يتم‏.‏

وفيها غزا عبد الله بن عبيد الله بلاد الروم ووصل إلى قاليقلا ففتحها‏.‏

ويقال‏:‏ إن أصل الفرات من عندها يجتمع‏.‏

وفيها توفي محمد بن علي بن أبي طابى المعروف بابن الحنفية والحنفية اسم أمه ولها اسم آخر‏:‏ خولة بنت جعفر بن قيس ومحمد هذا من الطبقة الأولى من التابعين من أهل المدينة وكنيته أبو القاسم ولد في خلافة أبي بكر وقيل لثلاث سنين أو لسنتين بقين من خلافة عمر وهي السنة التي ولد فيها سعيد بن المسيب وكان دينًا عابدًا صاحب رأي وقوة شديدة إلى الغاية‏.‏

وفيها كانت مقتلة بحير بن ورقاء الصريمي‏.‏

وفيها كان دخول الديلم قزوين وسببه أن العساكر كانت لا تبرح مرابطة بها فلما كان في هذه السنة كان من جملة من رابط بها محمد بن أبي سبرة الجعفي وكان فارسًا شجاعًا فلما قدم قزوين رأى الناس لا ينامون الليل فقال لهم‏:‏ أتخافون أن يدخل عليكم العدو قالوا‏:‏ نعم قال‏:‏ لقد أنصفوكم إن فعلوا افتحوا الأبواب ففتحوها وبلغ ذلك الديلم فبيتوهم وهجموا على البلد وتصايح الناس فقال محمد بن أبي سبرة‏:‏ أغلقوا الأبواب فقد أنصفونا فأغلقوا الأبواب التي للمدينة فقاتلوهم‏.‏

وأبلى محمد بلاءً س حتى ظفر بهم المسلمون ولم يفلت من ألد يلم أحد ولم يعد ألد يلم بعدها فصار محمد فارس ذلك الثغر وكان يدمن شرب الخمر وبقي كذلك إلى أيام عمر بن عبد العزيز فأمر بتسييره إلى كرارة وهي دار النساك بالكوفة فسير إليها فأغارت ألد يلم بعده على فذوين ونالت من المسلمين وظهر الخلل بعده حتى طلب ثانية وأعيد إلى فذوين‏.‏

وفيها توفي سويدي بن أغفله وكنيته أبو أمية كناه بها عمر بن الخطاب وهو من الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفد عليه فوجده قد قبض وأدرك دفنه وهم ينفضون أيديهم من التراب‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وثلاثة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وثمانية أصابع‏.‏

السنة السابعة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة اثنتين وثمانين‏:‏ فيها كانت وقعة الزاوية بين محمد بن الأشعث وبين الحجاج بالبصرة وكان لابن الأشعث مع الحجاج في السنة الماضية وفي هذه السنة عدة وقائع منها‏:‏ وقعة دخيل يوم عيد الأضحى وهي وقعة دير الجماجم ثم وقعة الأهواز ويقال‏:‏ إنه خرج مع ابن الأشعث ثلاثة وثلاثون ألف فارس ومائة وعشرون ألف راجل فيهم علماء وفقهاء وصالحون‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كان بينهما أربع وثمانون وقعة في مائة يوم فكانت منها ثلاث وثمانون على الحجاج وواحدة له فعندما انكسر ابن الأشعث خرج إلى الملك زنبيل والتجأ إليه حتى مات بعد ذلك في سنة أربع وثمانين وفي موته أقوال كثيرة‏.‏

وفيها عزل الخليفة عبد الملك بن مران أبان بن عثمان بن عفان عن المدينة في جمادى الآخرة واستعمل عليها هشام بن إسماعيل المخزومي فعزل هشام نوفل بن مساحق العامري عن القضاء بالمدينة وولى عوضه عمرو بن خالد الزرقي‏.‏

وفيها غزا محمد بن مران بن الحكم أخو الخليفة عبد الملك أرمينية فهزم أهلها فسألوه الصلح فصالحهم وولى عليهم أبا شيخ بن عبد الله فغدروا به وقتلوه‏.‏

وقيل بل قتل سنة ثلاث وثمانين‏.‏

وفيها توفي أسماء بن خارجة بن مالك الفزاري الكوفي أحد الأجواد‏.‏

وفد على الخليفة عبد الملك فقال له عبد الملك‏:‏ بلغني عنك خصال شريفة فأخبرني بها قال أسماء‏:‏ ما سألني أحد حاجة إلا وقضيتها ولا أكل رجل من طعامي إلا رأيت له الفضل علي ولا أقبل علي رجل بحديث إلا وأقبلت عليه بسمعي وبصري فقال له عبد الملك‏:‏ حق لك أن تشرف وتسود‏.‏

وفيها توفي أبو الشعثاء سليم بن أسود بن حنظلة المحاربي من الطبقة الأولى من تابعي أهل وفيها توفي عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر من الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة‏.‏

كان يسجد على كور عمامته قد حالت بين جبهته والأرض‏.‏

وفيها توفي المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة واسم أبي صفرة ظالم بن سراقة وكنيته أبو خداش كان خليفة أبيه على مرو فمات في شهر رجب وكان المغيرة جوادًا سيدًا شجاعأ‏.‏

ولما وصل الخبر إلى أبيه وجد عليه وجدًا عظيمًا أثر فيه ذلك ثم استناب ابنه يزيد بن المهلب على مرو‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وسبعة عشر إصبعًا‏.‏

السنة الثامنة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة ثلاث وثمانين‏:‏ فيها حج بالناس أمير المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي‏.‏

وفيها توفي أبو الجوزاء أوس بن خالد الربعي البصري وقيل خالد بن سمير من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة‏.‏

وفيها توفي روح بن زنباع أبو زرعة الجذامي الشامي من الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام وكان متميزًا عند الناس فخاف منه معاوية فعزم على قتله ثم خلى عنه وكان عظيم دولة عبد الملك بن مران وهو الذي قدم الحجاج بن يوسف الثقفي عند عبد الملك حتى صار من أمره ما صار‏.‏

وقصته مع الحجاج المذكور مشهورة من قتل عبيده وإحراق خيامه عندما ولي الحجاج حرب مصعب بن الزبير‏.‏

وروح هذا هو زوج هند بنت النعمان بن بشير وكانت تكرهه وهي القائلة‏:‏ الطويل وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراسٍ تجللها بغل فإن نتجت مهرًا كريمًا فبالحرى وإن يك إقراف فمن قبل الفحل وقد شاع ذلك في زمانها حتى قال بعض الشعراء في صاحب سألة‏:‏ البسيط لي صاحب مثل داء البطن صحبته يودني كوداد الذيب للراعي يثني علي جزاه الله صالحةً ثناء هندٍ على روح بن زنباع وفيها توفي زاذان الكوفي أبو عبد الله مولى كندة من الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة‏.‏

وكان صالحًا صاحب نسك وعبادة وكان بزازًا‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أبو محمد الهاشمي من الطبقة الأولى من التابعين وأمه هند بنت أبي سفيان ولد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتت به أمه إلى أختها أم حبيبة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقال‏:‏ من هذا فقالت‏:‏ ابن عمك وابن أختي فتفل في فيه ودعا له‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن شداد بن الهاد واسم الهاد عمرو الليثي وسمي الهاد لأنه كان يوقد ناره للأضياف ليلًا ولمن سلك الطريق وهو من الطبقة الأولى من تابعي المدينة وأمه سلمى بنت عميس الخثعمية أخت أسماء‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن يسار أو بلال أبي ليلى‏.‏

صحب أبوه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد معه أحدًا وما بعدها‏.‏

وأما عبد الرحمن هذا فإنه تابعي من أهل الكوفة من الطبقة الأولى وكان عالمًا زاهدًا خرج على الحجاج بن يوسف ة قتل بدجيل وقيل بل غرق في نهر دخيل مع ابن الأشعث‏.‏

وفيها توفي معبد الجهني من أهل البصرة وهو أول من تكلم في القدر وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة وحضر التحكيم بدومة الجندل‏.‏

وفيها توفي المهلب بن أبي صفرة‏.‏

اسمه ظالم بن سراق بن صبح الأزدي العتكي البصري وفي اسم المهلب أقوال كثيرة قيل‏:‏ اسمه سارق بن ظالم وقيل بالعكس وقيل طارق بن سارق وقيل قاطع بن سارق وقيل الذي ذكرناه أولًا الأمير أبو سعيد أحد أشراف أهل البصرة ووجوههم وفرسانهم ولد عام الفتح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وولي الأعمال الجليلة وله مواقف مع الروم وغيرها إلى أن توفي‏.‏

السنة التاسعة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة أربع وثمانين‏.‏

فيها فتحت المصيصة على يد عبد الله بن عبد الملك بن مران‏.‏

وفيها افتتح موسى بن نصير ملك درنة من بلاد المغرب فقتل وسبى حتى قيل‏:‏ إن السبي بلغ خمسين ألفًا‏.‏

وفيها غزا محمد بن مران أرمينية فهزمهم وحرق كنائسهم وتسمى سنة الحرق‏.‏

وفيها قتل الحجاج أيوب بن القرية وكان من فصحاء العرب وبلغائهم وأجوادهم‏.‏

كان خرج أيضًا مع محمد بن الأشعث واسمه أيوب بن زيد بن قيس أبو سليمان الهلالي ثم ندم الحجاج على قتله‏.‏

وابن القرية هذا له حكايات كثيرة في الجود والكرم والفصاحة منها‏:‏ أنه لما أحضره الحجاج ليقتله فقال له ابن القرية‏:‏ أقلني عثرتي واسقني ريقي فإنه ليس جواد إلا له كبوة ولا شجاع إلا له هبوة ولا صارم إلا له نبوة فقال الحجاج‏:‏ كلا‏!‏ والله لأزيرنك جهنم قال‏:‏ فأرحني فإني أجد حرها‏.‏

فأمر به فضربت عنقه فلما رآه قتيلًا قال‏:‏ لو تركناه حتى نسمع من كلامه‏!‏ ‏.‏

وفيها ولي إمرة الإسكندرية عياض بن غنم التجيبي‏.‏

وفيها بعث عبد الملك بن مران بالشعبي إلى أخيه عبد العزيز صاحب الترجمة إلى مصر بسبب البيعة للوليد بن عبد الملك حسبما ذكرناه في صدر ترجمة عبد العزيز‏.‏

وفيها حج بالناس هشام بن إسماعيل‏.‏

وفيها ظفر الحجاج برأس محمد بن الأشعث وطيف بها في الأقاليم‏.‏

وفيها قتل الحجاج حطيطًا الزيات الكوفي كان عابدًا زاهدًا يصدع بالحق قتله الحجاج لتشيعه ولميله لابن الأشعث‏.‏

قيل‏:‏ إنه لما أحضره بين يديه قال له الحجاج‏:‏ ما تقول في أبي بكر وعمر‏.‏

قال‏:‏ أقول فيهما خيرًا قال‏:‏ ما تقول في عثمان قال‏:‏ ما ولدت في زمانه فقال له الحجاج‏:‏ يا ابن اللخناء ولدت في زمان أبي بكر وعمر ولم تولد في زمن عثمان‏!‏ فقال له حطيط‏:‏ يا ابن اللخناء إني وجدت الناس اجتمعوا في أبي بكر وعمر فقلت بقولهم ووجدت الناس اختلفوا في عثمان فوسعني السكوت فقال معد لعنه الله معد صاحب عذاب الحجاج‏:‏ إني أريد أن تدفعه إلي فو الله لأسمعنك صياحه فسلمه إليه فجعل يعذبه ليلته كلها وهو ساكت‏.‏

فلما كان وقت الصبح كسر ساق حطيط ثم دخل عليه الحجاج لعنه الله فقال له‏:‏ ما فعلت بأسيرك فقال‏:‏ إن رأى الأمير أن يأخذه مني فقد أفسد علي أهل سجني فقال له الحجاج‏:‏ علي به فعذبه بأنواع العذاب وهو صابر فكان يأتي بالمسال فيغرزها في جسمه وهو صابر ثم لفه في بارية وألقاه حتى مات‏.‏

وفيها توفي أبو عمرو سعد بن إياس الشيباني صاحب العربية وأيام الناس كان إمامًا فيهما وهو من الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة شهد القادسية وروى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع ونصف‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وواحد وعشرون إصبعًا‏.‏

السنة العشرون من ولاية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة خمس وثمانين‏:‏ فيها كانت وفاة عبد العزيز بن مران صاحب الترجمة حسبما تقدم ذكره في الطاعون العظيم الذي كان في هذه السنة بمصر وأعمالها وهو ثامن طاعون كان في الإسلام على قول بعضهم وقد ذكرنا ذلك فيما مضى في حوادث سنة ست وستين‏.‏

وفيها غزا محمد بن مران إرمينية فأقام بها سنة وولى عليها عبد العزيز بن حاتم بن النعمان الباهلي فبنى مدينة أردبيل ومدينة برذعة‏.‏

وفيها جهز عبد الله بن عبد الملك بن مران يزيد بن حنين في جيش فلقيه الروم في جيش كثير فأصيب الناس وقتل سيمون الجرجاني في ألف نفس من أهل أنطاكية‏.‏

وفيها عزل يزيد بن المهلب بن أبي صفرة عن خراسان وولي الفضل أخوه مدة يسيرة ثم عزل أيضًا وولي قتيبة بن مسلم‏.‏

وفيها قتل موسى بن عبد الله بن خازم السلمي وكان بطلًا شجاعًا وسيدًا مطاعًا كان غلب على ترمذ وما وراء النهر مدة سنين وحارب العرب من هذه الجهة والترك من تلك الجهة وجرت له وقعات عظيمة وآخر الأمر أنه خرج ليلة في هذه السنة بعساكره ليغير على جيش فعثر به فرسه فابتدره ناس من ذلك الجيش وقتلوه‏.‏

وفيها حج بالناس هشام بن إسماعيل المخزومي‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن عامر بن ربيعة حليف بني عدي وكان له لما مات النبي ‏"‏ ص ‏"‏ أربع وفيها توفي واثلة بن الأسقع بن عبد العزى بن عبد ياليل من الطبقة الثالثة من المهاجرين وكان ينزل ناحية المدينة فأتى رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ فصلى معه الصبح وبايعه‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع وخمسة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وواحد وعشرون إصبعًا‏.‏

ولاية عبد الله بن عبد الملك على مصر هو عبد الله ابن الخليفة عبد الملك بن مران بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي الأمير أبو عمر‏.‏

ولد في حدود سنة ستين ونشأ بدمشق تحت كنف والده عبد الملك وندبه أبوه في خلافته إلى عدة غزوات وافتتح المصيصة في سنة أربع وثمانين وقتل وسبى وغنم ثم ولاه أبوه إمرة مصر بعد موت عمه عبد العزيز بن مران في سنة خمس وثمانين فتوجه إليها ودخلها في يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة من سنة خمس وثمانين وقيل من سنة ست وثمانين‏.‏

ودخل مصر ابن سبع وعشرين سنة كان أبوه عبد الملك أمره أن يعفي آثار عبد العزيز فأول ما دخل عبد الله المذكور استبدل العمال بعمال غيرهم والأصحاب بأصحاب أخر واستعمل على شرطة مصر عبد الأعلى ومنع من لبس البرانس وكان فيه شدة بأس‏.‏

فلم يكن إلا أشهر وتوفي أبوه عبد الملك بن مران وولي الخلافة من بعده أخوه الوليد بن عبد الملك فأقره الوليد على إمرة مصر على عادته فأمر عبد الله المذكور أن تنسخ دواوين مصر بالعربية وكانت تكتب بالقبطية ففعل ذلك‏.‏

ثم وقع في سنة سبع وثمانين الشراقي بمصر وغلت الأسعار بها إلى الغاية حتى قيل‏:‏ إن أهل مصر لم يروا في عمرهم مثل تلك الأيام‏.‏

وقاست أهل مصر شدائد بسبب الغلاء فاستشأمت الناس بكعبه‏.‏

هذا مع ما كان عليه من الجور فإنه كان يرتشي ويأخذ الأموال من الخراج وغيره‏.‏

ولما شاع ذلك عنه طلبه أخوه الوليد من مصر فخرج عبد الله من مصر إليه بدمشق في صفر سنة ثمان وثمانين واستخلف على مصر عبد الرحمن بن عمرو بن مخزوم الخولاني‏.‏

هذا وأهل مصر في شدة عظيمة من عظم الغلاء فأقام عند الوليد مدة يسيرة ثم عاد إلى مصر حتى عزله أخوه الوليد بن عبد الملك عن إمرة مصر في سنة تسعين وولى عوضه على مصر قرة بن شريك الآتي ذكره‏.‏

فكانت ولاية عبد الله هذا على مصر ثلاث سنين وعشرة أشهر‏.‏

وبعد عزله توجه إلى دمشق عند أخيه الوليد‏.‏

وخرج من مصر بجميع أمواله واستصحب معه الهدايا والتحف إلى أخيه الوليد‏.‏

فلما وصل إلى الأردن أحيط به من قبل أخيه الوليد فأخذ جميع ما كان معه وحمل عبد الله المذكور إلى أخيه الوليد‏.‏

وعبد الله هذا أمه أم ولد لأن أكبر إخوته الوليد ثم سليمان ثم مران الأكبر - عرج - وعائشة وأمهم ولادة بنت العباس بن جزء بن الحارث بن زهير بن خزيمة ثم يزيد ومروان الأصغر ومعاوية وأم كلثوم وأمهم عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثم هشام وأمه أم هشام بنت إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومية واسمها عائشة ثم أبو بكر وكان يعرف ببكار وأمه عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيد الله ثم الحكم وأمه أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان ثم فاطمة وأمها أم المغيرة بنت المغيرة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة ثم عبد الله هذا صاحب الترجمة ومسلمة والمنذر وعنبسة ومحمد وسعيد الخير والحجاج لأمهات الأولاد‏.‏

السنة الأولى من ولاية عبد الله بن عبد الملك بن مران على مصر وهي سنة ست وثمانين‏.‏

فيها كان طاعون القينات سمي بذلك لأنه بدأ في النساء وكان بالشام وواسط والبصرة‏.‏

وفيها سار قتيبة بن مسلم متوجها إلى ولايته فدخل خراسان وتلقاه دهاقين بلخ وساروا معه وأتاه أيضًا أهل صاغان بهدايا ومفتاح من ذهب وسلموا له بلادهم با لأمان‏.‏

وفيها افتتح مسلمة بن عبد الملك حصن بولق وحصن الأخرم‏.‏

وفيها توفي الخليفة عبد الملك بن مران بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أمير المؤمنين أبو الوليد القرشي الأموي والد عبد الله هذا صاحب الترجمة‏.‏

بويع بالخلافة بعهد من أبيه مروان بن الحكم وكان ذلك بعد أن دعا عبد الله بن الزبير لنفسه بالخلافة‏.‏

وتم أمر عبد الملك المذكور في الخلافة وبقي على مصر والشام وابن الزبير على باقي البلاد مدة سبع سنين والحروب ثائرة بينهم‏.‏

ثم غلب عبد الملك على العراق وما والاها بعد قتل مصعب بن الزبير ثم ولى الحجاج بن يوسف الثقفي العراق ومحاربة عبد الله بن الزبير حتى قتله واستوثق الأمر بقتل عبد الله بن الزبير لعبد الملك ودام في الخلافة حتى توفي بدمشق في شوال‏.‏

وخلافته المجمع عليها أعني بعد قتل عبد الله بن الزبير من وسط سنة ثلاث وسبعين‏.‏

وقال الشعبي‏:‏ خطب عبد الملك فقال‏:‏ اللهم إن ذنوبي عظام وإنها صغار في جنب عفوك فاغفرها لي يا كريم‏.‏

وكان مولد عبد الملك سنة ست وعشرين من الهجرة وكان عابدًا ناسكًا قبل الخلافة فلما أتته الخلافة تغير عن ذلك كله وولى الحجاج على العراق‏.‏

قيل‏:‏ إن الحسن البصري سئل عن عبد الملك هذا فقال‏:‏ ما أقول في رجلٍ الحجاج سيئة من سيئاته‏!‏ وفيها هلك ملك الروم الأخرم بورى قبل عبد الملك بن مروان بشهر‏.‏

وفيها توفي بشر بن عقربة الجهني أبو اليمان‏.‏

قال الواقدي‏:‏ قتل أبوه عقربة يوم أحد قال بشر‏:‏ فلقيني رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وأنا أبكي فقال‏:‏ يا حبيب ما يبكيك فقلت‏:‏ قتل أبي قال‏:‏ ‏"‏ ما ترضى أن أكون أباك وعائشة أمك ‏"‏ ومسح على رأسي بيده فكان أثر يده من رأسي أسود وسائره أبيض‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي من الطبقة الثالثة من المهاجرين وكان ممن بايع تحت الشجرة وشهد مع النبي ‏"‏ ص ‏"‏ غزوة بني النضير والخندق والقريظة‏.‏

وفيها توفي أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي من الطبقة الرابعة من الصحابة‏.‏

وفيها حبس الحجاج يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وعزل حبيب بن المهلب عن كرمان وعزل عبد الملك عن شرطته وكان الحجاج أمير العراق كله والشرق في هذه السنة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع وخمسة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ثلاثة عشر ذراعًا وثمانية عشر إصبعًا‏.‏

السنة الثانية من ولاية عبد الله بن عبد الملك بن مروان على مصر وهي سنة سبع وثمانين‏.‏

فيها افتتح قتيبة بن مسلم أمير خراسان بيكند وفيها شرع الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان في بناء جامع دمشق الأموي وكان نصفه كنيسة النصارى وعلى ذلك صالحهم أبو عبيدة بن الجراح فقال لهم الوليد‏:‏ إنا قد أخذنا كنيسة مريم عنوة فأنا أهدمها فرضوا بهدم هذه الكنيسة وإبقاء كنيسة مريم والمحراب الكبير هو مكان باب الكنيسة‏.‏

ثم كتب الوليد إلى ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان وهو أمير المدينة ببناء مسجد النبي ‏"‏ ص ‏"‏ وكانت ولاية عمر بن عبد العزيز على المدينة في أوائل هذه السنة أيضًا وله من العمر خمس وعشرون سنة بعد أن صرف عنها هشام بن إسماعيل المخزومي ودام عمر بن عبد العزيز على إمرة المدينة إلى أن عزله الوليد أيضًا بأبي بكر بن عمرو بن حزم‏.‏

وفيها حج بالناس عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة وكان على قضاء المدينة أبو بكر بن عمرو بن حزم‏.‏

وفيها توفي أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد‏.‏

وفيها قدم نيزك طرخان على قتيبة بن مسلم فصالحه وأطلق ما في يده من أسارى المسلمين‏.‏

وفيها غزا قتيبة المذكور نواحي بخارا فكانت ملحمة عظيمة هزم الله فيها المشركين‏.‏

وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك فافتتح قمقم وبحيرة الفرسان فقتل وسبى ويسر الله تعالى في وفيها توفي قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة بن عمرو الخزاعي من الطبقة الأولى من التابعين من أهل المدينة والثانية من أهل الشام ولد على عهد رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ عام الفتح وكان على خاتم الخليفة عبد الملك بن مروان وصاحب أمره وأقرب الناس إليه‏.‏

وفيها توفي مطرف بن عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب أبو عبد الله الحرشي من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة وكان له فضل وورع ورواية وكان بعيدًا من الفتن‏.‏

وفيها توفي أبو الأبيض أعنسي وهو من التابعين‏.‏

كان كثر الغزو والجهاد‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وستة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا